يعتبر الإنتاج الكتابي دون شكّ من ضمن النّشاطات الأساسية الأكثر تعقيدا ÙÙŠ اللّغة. وإذا كان رهان التّعلميّة ÙÙŠ هذا المجال الوص٠العلمّي ÙˆØ§Ù„Ø§Ù‚ØªØ±Ø§Ø Ø§Ù„Ø¹Ù…Ù„ÙŠÙ‘ لتيسير تملّك المتعلم لهذه الكÙاية » Ùكي٠يمكننا مساعدة المتعلّم على ØªÙˆØ¶ÙŠØ Ø§Ù„Ø§Ø³ØªØ±Ø§ØªÙŠØ¬ÙŠØ§Øª العمليّة إذا كنّا نجهل كلّ التّمشيات الّتي تظهر أثناء نشاط الكتابة؟ « على Øدّ تساؤل كلودين قارسيا دوبناك C.G.DEBANK .
ومن المقاربات الّتي توسّلتها التّعلميّة لكش٠التّمشيّات الذهنيّة للمتعلّم-الكاتب المقاربة العرÙانيّة. وقد Øاول أصØاب هذا الاتجاه تمييز مكوّنات مستقلة لهذا النّشاط، ليصÙوا Ùيما بعد اشتغال تلك المكوّنات وما بينها من علاقات تبادل وهو ما سنعتمده خلال هذا العرض.
1– تمشيّـات الإنتـاج الكتابـي
لا بّد ÙÙŠ البداية من التّنويه إلى أنّه بالرّغم من أنّ المقاربة العرÙانيّة للإنتاج الكتابي عرÙت تطوّرا Øقيقيّا خلال الÙترة الأخيرة، Ùإنّ المعار٠المنتجة ÙÙŠ هذا المجال تظلّ أقلّ ممّا أنتج Øول القراءة-الÙهم مثلا. ومجمل الدّراسات العرÙانيّة تأتل٠Øول تمشيّات أربعة ينتظم Øولها الإنتاج الكتابيّ هي:
– التّصوّر أو التّخطيط Conceptualisation ou planification
– الصّياغة La formulation
– التّدوين La transcription
– المراجعة أو العود المراقب La révision
وسنتتبّع ÙÙŠ ما يلي ما ÙŠØدث من نشاط ذهنّي داخل العلبة السّوداء للمتعلّم ÙÙŠ كلّ مرØلة الّتي ذكرنا بÙضل إضاءات علم النّÙس العرÙاني.
1.1- التّخطيـــط
تتمثّل هذه المرØلة ÙÙŠ جمع المعلومات والمعار٠والأÙكار المتعلّقة بالموضوع من الذاكرة طويلة المدى MLT أو المØيط أو من كليهما Ùتنظيمها وانتقاء الملائم منها ثمّ إعادة تنظيمها، ومرّد ذلك عدم تطابق بين سلسلة الاسترجاع والتّوارد ونظام التّلÙظية([1]) الّذي اختاره الكاتب، والغرض من كلّ ذلك ليس التنظيم ÙØسب، بل Ø¥Øداث تراتبيّة ومÙصلة لتلك المØتويات تستجيب للنوايا التواصلية، وعلى سبيل المثال نلاØظ أن الاختيارات وتراتبية الØجج ÙÙŠ نصّ Øجاجّي يمكن أن تتغيّر بتغيّر المتلقي (Ø·ÙÙ„ØŒ كهل، مختصّ، غير مختصّ) رغم أنّ النّص واØد والمØتوى واØد.
Ùكلّ إنتاج لغويّ يجري Ùعلا تØت تأثير النّوايا التّواصليّة للكاتب وضاغطات الوضعيّة التّلÙظيّة، وهذه Ø§Ù„Ù…Ù„Ø§Ù…Ø Ø£Ùˆ الأبعاد الخطابية Rhétoriques تشمل معلمات مركزيّة paramètres centraux هي:
- Ùيم نكتب ØŸ (الموضوع) / لماذا نكتب؟ (الهدÙ) / لمن نكتب؟ (المتلقّي)
وإضاÙØ© إلى المعلمات المركزيّة تشمل أيضا الأبعاد الثّانويّة للكتابة:
- مكان الإنتاج وزمانه.
- المكانة الاجتماعية للكاتب.
- العلاقة بين الكاتب والمتلقّي الØقيقيّ أو المÙترض.
كلّ هذه الأبعاد تؤثّر بالغ التأثير على التّصرّ٠ÙÙŠ المØتويات وتوجّه قرارات الكاتبLe scripteur خلال كلّ مراØÙ„ الإنتاج الكتابيّ. وتلعب المعار٠ذات الصّلة بموضوع الكتابة Les connaissances thématiques عندما يمتلكها كاتب النّصّ دورا هاما ÙˆØاسما ÙÙŠ ثراء وجودة النّصّ المنتج. وقـد أظهرت الدّراسـات أنّ المعـار٠ذات الصّلـة بالموضوع تؤثّر أيضا ÙÙŠ مجريات النّشـاط Le déroulement de l’activité، إذ أنّ عمليّتي البØØ« وتنظيم الأÙكار تجري بصÙØ© Ø£Ùضل وأنجع كلّما كان للكاتب معار٠أكثر ذات صلة بالموضوع، ومرّد ذلك توÙير الجهد وتخÙي٠العبء المعرÙÙŠ L’allègement des charges cognitives Ù„Ùائدة Ø¥Øكام التّصرّ٠ÙÙŠ الأبعاد الأخرى للإنتاج.
إنّ تنظيم المØتويات يكون أيسر عند توÙّرâ€Ø§Ù„بنية الÙوقيّة للنّصّ †Superstructure textuelle Ø› أي سلسلة منظّمة من صنو٠المعلومات Catégories d’infos…
الّتي يمكن أن تقود ترتيب المعلومات وكذا استرجاعها، وتبدو بنية السّرد الأيسر تنظيما بسبب التّواÙÙ‚ بين تعاقب الأØداث ÙÙŠ الوضعيّة المرجعيّة ونظام Ù„Ùظنتها وهو ما ÙŠÙسّر تدريسها ÙÙŠ الابتدائي ÙˆÙÙŠ السنة السابعة من التّعليم الإعدادي.
وعلى العكس من ذلك، Ùالنّص الØجاجّي، والوصÙيّ والتّÙسيري يضع الكاتب أمام صعوبات جمّة بسبب تعقّد القرارات الّتي على الكاتب اتّخاذها بخصوص نظام اللّÙظنة.
كلّ ما سبق يقودنا إلى إدراك أنّ التّصوّر مرØلة معقّدة ومكلÙØ©ØŒ وبصÙØ© عامّة يعجز غير المدرّب على القيام بهذه المهمّة على ما يرام ممّا يؤثر سلبيا على باقي المراØÙ„ والإنتاج النّهائي للنّص. ÙÙŠ Øين أنّ متطلّبات اللّÙظنة تÙرض استراتيجية لتØويل المعار٠وتنظيمها.
Ùالمتعلّم المبتدئ يلÙظن للتوّ المعار٠كما تتوارد من ذاكراته ÙÙŠ Øين أنّ التّنظيم والملاءمة مع أخذ المرسل إليه بعين الاعتبار تعدّ من الشّروط الأساسيّة للكتابة، Ùالعائق الإبستيمولوجي هنا هو: عدم التّطابق بين سلسلة توارد الأÙكار والمعار٠من الذاكرة طويلة المدى ونظام النّصّ.
Ùكي٠أساعد المتعلّم على تجاوز هذا العائق؟
يكون ذلك بـ:
– تجلية نظام النّص أثناء Øصص القراءة؛
– التّدريب المنتظم على تنظيم الÙكر والمعارÙØ›
– توÙير أقصى ما يمكن من معار٠ذات صلة بموضوع الإنتاج الكتابي؛
– تجريب الكتابة Øسب التّوارد ثمّ إعادة كتابة Ù†Ùس المواد بتخطيط جماعي أو Ùرديّ؛
– Øمل المتعلّم على الإÙØµØ§Ø Ø¹Ù† تخطيطه ومساعدته على تأويله…لاستØثاث النّشاط الماورامعرÙيّ.
قد تبدو هذه النّشاطات بسيطة موغلة ÙÙŠ الدّيداكتيكيّة، لكنّها ÙÙŠ اعتقادنا عميقة الأثر تØوّل الأمل عملا والإنصا٠إجراء وهي لا شكّ أسمى من الاعتقاد أنّ الكتابة موهبة لا يقدر عليها إلاّ من جبل على الإبداع !!
2.1- الصّياغة
وهي عمليّة تØويل الأÙكار إلى ÙˆØدات لغويّة، ويدعوها البعض وضع النّص (تعبير يذكّرنا بعمليّة الولادة بعد الØمل) وتتركب من ثلاث عمليّات Ùرعيّة هي:
1- عملية انتقاء الألÙاظ وإنتاجها.
2- بناء الجمل.
3- تنسيق الملÙوظات المتتابعة على مستوى الموضوع: الاتساق = La cohérenceØŒ وعلى مستوى النّصّ: الانسجام La cohésion.
وينبغـي للكاتـب عنـد تدبيـر النّص وتنظيمه Textualisation أن يضمن تواصليّـة الموضـوع La continuité thématique (بالضّمائر المتّصلة، والأسماء الموصولة…) وكذا تدرّج الإخبار وإدخال الجديد من المعلومات والأØداث ÙÙŠ آن معا. وهذه المهمّة المزدوجة تشكل مصدرا للصّعوبات لدى كلّ كاتب، Ùهي تتطلّب ÙƒÙاية تصرّ٠مركبّة ÙÙŠ المكوّنات اللّغوية المتنوّعة: الموصولات، أدوات الرّبط، علامات التّرقيم، المتمّمات…
وتشكّل الصّعوبات الّتي تعترض المتعلّم عند صياغة النّص عائقا تعلميّا ذا مصدر نشوئيّ، ذلك أنّ الطّÙÙ„ Øسب Piaget ÙÙŠ مرØلة الذّكاء الØدسيّ (بين 4 Ùˆ7 سنوات) يجد صعوبة كبرى ÙÙŠ التّركيز على بعدين مجتمعين أو أكثر ÙÙŠ موضوع واØد، وإن كان سيتجاوز ذلك خلال مرØلة العمليّات المØسوسة (8-11 سنة) Ùإنّ هذا التّجاوز سيقتصر على المØسوسات دون سواها، وتظلّ الصّعوبة قائمة ÙÙŠ الموضوعات المجرّدة (الأÙكار، المعارÙØŒ المÙاهيم…) إذ لا تÙضّ إلاّ ÙÙŠ مرØلة الذكاء الاÙتراضي الاستنتاجي.
ومن مظاهر هذا العائق ÙÙŠ كتابات المتعلّمين والّتي يعرÙها المعلّمون جيّدا وطالما أقلقتهم أثناء الإصلاØ:
- تلميذ يعتني بالتّخطيط المØكم على Øساب الثّراء المعجمي والعكس؛
- تلميذ يعتني بالرّسم القويم على Øساب تنسيق الملÙوظات والعكس؛
- تلميذ يعتني ببناء الجمل على Øساب انتقاء الألÙاظ وملاءمتها والعكس؛
وغير هذا كثير من مظاهر التّÙريط التي قد نبالغ ÙÙŠ Ù…Øاسبة المتعلّم عليها معتقدين Ø£Øيانا أنّها عائدة إلى الإهمال وقلّة الانتباه Ùالعائق التّعلمي هنا هو: عدم قدرة المتعلّم على القيام بمهمّة مركّبة ÙÙŠ موضوع كلّ عناصره مجرّدة. لذلك ستكون التّدابير التّعلميّة الّتي سنقترØها ÙÙŠ المرØلة اللاØقة -Øسب اعتقادنا- مساعÙدة على تجاوز هذا العائق Ùلوساطة الكهل كما علّمنا VYGOTSKY.L دور هامّ جدّا ÙÙŠ دÙع عجلة نموّ المتعلّم.
3.1- الخط([2])
يتطلّب الإنجاز الخطّي للوØدات اللّغوية نشاطا خطØسيّا graphomotrice Activité. هذا النّشاط يكون مؤتمتا Automatisé لدى الكهل، ولكنّه لدى المتعلّم الطّÙÙ„ يتطلب كلÙØ©ØŒ ممّا يثقل المهمّات عليه، إذ هو بØاجة إلى توÙير هذا بألØÙ‘ ما يكون للمكوّنات العليا لكÙاية الكتابة. وهنا تقع المسؤولية على معلّمي الدّرجة لأتمتة هذه المهارة تØريرا للمتعلّم وتخÙÙŠÙا لوطأة العبء المعرÙيّ النّاتج عن درجة التّعقيد.
ÙˆÙÙŠ هذا المجال أظهرت دراسات علم النّÙس العرÙاني أنّه Øتّى لدى الكهل المكتملة لديه مهارة الخطّ يعتبر إيقاع الخطّ أبطأ من 5 إلى 6 مرّات من إيقاع الكلام. وهذا الاختلا٠ÙÙŠ الايقاع يسبّب ما يدعى مؤثّرات التّداخل Les effets d’interférences وهي مؤثّرات تشوّش التّناغم بين زمن الخطّ وزمن توارد الأÙكار والجمل من الذاكرة.
Ùينتج عن ذلك هدر لعناصر لا يمكن تداركها إنّ الأمر شبيه بنز٠داخليّ يؤدّي إلى تشويه النّصّ أو موته.
وظاهرة مؤثرات التّداخل هذه أشدّ وقعا لدى المتعلّمين الصّغار، إذ أنّ إيقاع الخطّ لدى متعلّم ÙÙŠ سنّ العاشرة مثلا أقلّ سرعة من 4 إلى 5 مرّات من الكهل، Ùإذا علمنا أنّ للطÙÙ„ والكهل Ù†Ùس إيقاع الكلام تقريبا يمكننا بعمليّة Øسابيّة بسيطة معرÙØ© أنّ إيقاع الخط لدى الطÙÙ„ أبطأ من إيقاع الكلام بـ20 إلى 30 مرّة. ويعود هذا الثّقل بالإضاÙØ© إلى عدم نضج المهارة الخطّØسيّة إلى صعوبات الرّسم Orthographe الّتي تكوّن عامل تبطئة facteur de ralentissement .
ويمكن من النّاØية الديداكتيكية أن يستÙيد المربّون من هذا الوص٠العلميّ للعوائق الّتي تعترض المتعلّم ÙÙŠ إنتاج النّصّ، ÙÙÙŠ هذا الموضع من المÙيد أن نساعد المتعلّم على تخطّي هذا العائق بالعمل على تخÙي٠عامل التّداخل بأن نزوّده باستراتجيات مناسبة على مستوى التّنظيم، كأن ندرّبه على تأجيل مهمّة مراقبة الرّسم مثلا لمرØلة المراجعة مثلا. وبالعود إلى مسألة المهارة الØسخطيّة تشير Ù†Ùس الدّراسات إلى أنّ بطء إيقاع الخطّ إلى عتبة ما يمكن أن يكون Ù…Ùيدا للكاتب، إذ تÙمكّن الرّدهة الزّمنية الكاتب من تنظيم تراتبيّة الأÙكار والمعار٠ذات الصّلة بالموضوع، Ùليس التّزامن بين الخطّ والتّوارد هو المطلوب نهاية.
4.1- المراجعة أو العوْد٠المراقب
وظيÙØ© هذه المرØلة من نشاط الإنتاج الكتابي تتجلّى ÙÙŠ جملة من التّمشيات يمكن أن نطلق عليها تسمية تمشيّات العود المراقب Processus de retour/contrôle والغرض من هذا العود هو تقويم مدى الØاجة إلى تØسين نوعيّة المنتَج لخدمة النيّة التّواصليّة.
ويمكن اعتبار المراقبة وظيÙØ© سارية ÙÙŠ الكتابة متزامنة معها، يجريها الكاتب بصÙØ© ذهنيّة Ù„Øظة الخطّ، وهذا الضّرب من المراقبة ندعوه المراقبة الموقوتة، لكنّ تمشيّات العود المراقب تقع بعد وضع النّص أو Ùقرة منه وهنا المراقبة البعديّة، وتتّخذ شكلين من التّدخل:
1- تعديل على جزء: بعد كلّ Ùقرة.
2- تعديل على كلّ: بعد الانتهاء من النّصّ.
تتكوّن تمشيّات العود المراقب من ثلاث مراØÙ„ متمايزة وظيÙيّا ومتكاملة وصارمة التّرتيب وهي:
1- التّرصّد La détection وهو إدراك اختلال Anomalieبين نوايا الكاتب والمØتوى المنجز.
2- التّعر٠أوالتّشخيص L’identification ou diagnostic وهو تعرّ٠الخطأ وتصنيÙÙ‡ Catégorisation de l’erreur.
3-التّعديل = جملة التّغييرات الّتي ارتآها الكاتب لنصّه ليقرّبه من نواياه. لكنّ المتعلّمين غالبا ما يجدون صعوبة ÙÙŠ هذه العمليّة، Ùتراهم لا يقومون بها، ثمّ يستغربون يوم Ø§Ù„Ø¥ØµÙ„Ø§Ø Ù…Ù† أخطاء كان بإمكانهم تداركها. رغم أنّ استدامة الأثر المكتوب تمكّن من العود إلى النّصّ لتعديله وإثرائه وإدماج Ø£Ùكار جديدة تعضد ما خطّ بإقامة جدليّة مولّدة بين المخطوط Ùعلا والمعتمل ÙÙŠ نوايا المتواصل، وهذا هو جوهر الشّÙرة المكتوبة ÙÙŠ تمايزها. Ùإلام تعود هذه الصّعوبات ØŸ وهل يكÙÙŠ أن نأمر التّلاميذ بالتزام القيام بالعود المراقب ليتبنّوه؟ يعود هذا إلى عائق نشوئيّ هو:
* صعوبة أخذ مساÙØ© عن الذات أو Ùكّ التّمركز La décentralisation. ومتى يظهر ذلك؟ ÙÙŠ مرØلة الرّصد.
وعمليّة Ùكّ التمركز صعبة من النّاØية النّÙسيّة لدى المتعلّم إذ يعسر عليه اÙتراض قارئ آخر يقرأ نصّه ثّم توقع ما قد يلاقيه ذاك القارئ من صعوبات Ù„Ùهم نواياه التّواصليّة، Ùكأنّ على المتعلّم هنا أن يكون هو والآخر ÙÙŠ آن معا. وهذه الجدليّة بين الذّات والآخر المÙترض صعبة المنال قبل مرØلة الذّكاء الاÙتراضي الاستنتاجي.
وهذا Øسب اعتقادنا يتطلّب إقناع المتعلّم بضرورة تبني موق٠الآخر النّاقد Ùيه، وأنّ النّقد إذا كش٠أكثر عن هنات الكاتب يطوّر الذات ويجعلها أقرب ما يكون إلى نواياها، وعلى العكس من ذلك ضمور الذات النّاقدة ينمّي عجز الذات الكاتبة. وأن لا خو٠على ذاتك العزيزة يا بنيّ إذ أنت تزكّيها وترÙعها بتجاوز عجزها. ÙˆÙÙŠ هذا الصدّد قال Ø£Øد المتعلّمين Ù„Ùليب ماريو مرّة عند اشتغاله مع طالب يؤطره ÙÙŠ بØØ« بالموضوع: »أعر٠أنّه لكي يتØسّن إنتاجي الكتابي عليّ أن أعيد قراءته ومراجعته كأنّي أخي الصغير البالغ ستة سنوات والذي لا يتقن الكتابة، ثّم عليّ بعد ذلك أن أقرأ عملي وكأني معارض عنيد يريد أن يعارضني آليا ÙÙŠ كل ما هو مكتوب وأخيرا عليّ أن أكون مصØÙ‘Øا شموتا يتلذّذ بتصيد أخطائي. عندما أكون هؤلاء كلهم أستبقٌهم وأعدل الصياغة وأعيدها وأصØØ ÙƒÙŠ Ø£ÙÙˆÙّت عليهم الÙرصة « . (P.MeirieuØŒ أجل! أتعلم، ولكن كيÙØŸ ص108). لكن عملية التعديل الناتجة عن العود المراقب لا يمكن أن تكون مضيÙØ© إلا إذا كان التعلم الأساسي للمتعلم مقبولا، Ùهي لا ترتهن بالجانب النّشوئي ÙØسب، بل كذلك بالمعار٠المعجميّة والنّØويّة والرّسمية والبراغماتيّة والمÙهومية… وبهذه الكيÙية لن يتمكن المتعلّم من التّعديل Øتّى وإن تمكن من عمليّتي الرّصد والتّشخيص… وإذا لم يساعد المعلّم٠المتعلّمَ على تجاوز هذا العائق المعرÙÙŠ ÙسيتØوّل الإنتاج الكتابي من Ùرصة لتطوير ÙƒÙاية إلى Ùرصة لاكتساب العجز والاقتناع به لذلك ترى بعض المتعلمين يعلن: »أنا لا Ø£ØµÙ„Ø Ù„Ù„Ø¥Ù†Ø´Ø§Ø¡Â« ! وهذا العائق كما نلØظ هو عائق تعليميّ.
2– صعوبة التّصر٠ÙÙŠ الكتابي
تعدّد مكوّنات ÙƒÙاية الإنتاج الكتابي المعرÙيّة ومعلماته الخطابيّة والبلاغية وتدبير التّصر٠Ùيها يجعل هذا النشاط مهمّة بالغة التّعقيد وعالية الكلÙØ© المعرÙيّة خصوصا على الكاتب الصّغير أو المبتدئ Ø·Ùـلا كـان أو كهلا. أمّا الكاتب الخبير Le scripteur expert Ùقد Ø®Ùّت أعباء الكلÙØ© المعرÙيّة عنده بÙعل أتمتة المكوّنات السّطØية للكÙاية (مكونات المراقي الدنيا) كالنشاطات المتعلّقة بالمهارة الخطØسيّة والرسميّة والترقيميّة وكذا مهارة التبويب والتقسيم وبعض المهارات الأخرى نص٠مؤتمتة مثل القدرة النØويّة وبناء الجمل وإنتاج الألÙاظ وهي الّتي تراقب جزئيّا، وهكذا يدّخر باقي الجهد لاستدعاء الأÙكار وتنظيمها والتّركيز على الاتّساق واستنÙار المأثور لخدمة النوايا التّواصليّة.
ÙÙŠ Øين أنّ المتعلّم الصّغير يواجه كلّ هذه الصّعوبات دÙعة واØدة وبصÙØ© دراماتيكية. نتخيّل هنا Ø£Øد التّلاميذ مستغيثا:
†أØرّر Ø£Ùكاري Øول الموضوع !
Ø£Øرّر Ø£Ùكاري عندما أقيّدها على الورق !
أهذا معنى التّØرير !
عجبا لكم ! تØرير بالتّقييد !
كي٠أØرّر وكلّ ما عليّ قيود:
قيد النّØÙˆ.. وقيد الصّرÙ.. وقيد الرّسم.. وقيد ما يقال. وما لا يقال..
وقيد المعقول الّذي عَقَلتموه إذ عَقÙلتموه وعليّ أن أعقله كما اعتقلتموه كي Ø£Øرّره Ùيكون Ù…Øرّرا كما تريدون !
وقيد المكانة وقيد الأمانة وقيد اللّياقة
وقيود أخرى لم أعلمها Øتّى الآن.
Øرّروني من هذه القيود أو اجعلوها Ùيّ طبيعة ثانية.
كي أنساها وأتنÙّس بما يشبه التّلقائيّة هواء لغة أهواها،
وإلاّ Ùلا تلوموني إن لم أكتب شيئا Ùالمقيّد لا ÙŠØرّر.
هذه بداهة ومجنون من يطلب منّي ذلك. جرّبوا يوما عذابي
لم تلقونني ÙÙŠ يمّ اللّغة مقيّدا. ثمّ تØذرونني من الغرق
وأنا أشتهي جسدي بلا قيود
وربع درس ÙÙŠ السّباØØ©.“
3- Ù…Øــاور التّـدخـل
ØªÙ‚ØªØ±Ø Ø¹Ù„ÙŠÙ†Ø§ الدّراسات العرÙانية Øول الإنتاج الكتابي جملة من المØاور الّتي يمكن التّدخل Ùيها لمساعدة المتعلّم على بناء ÙƒÙاية الإنتاج الكتابي، وهي Ù…Øاور نستعرضها Ùيما يلي كما أوردها Michel Fayol ÙÙŠ كتابـه: « Des idées au texte :Psychologie cognitive de la production verbale orale et écrit » Paris P.U.F 1997
1.3- المعـار٠المجاليّة (Les connaissances thématiques) :
يمكن للمعلّم التّدخل ÙÙŠ قاعدة المعار٠المرتبطة بالإنتاج الكتابي أي تزويد المتعلم بمعار٠Øول المجال الذي سيكتب Ùيه. ويØتاج المتعلّم ÙÙŠ الابتدائي إلى أكثر من ذلك، أي إلى التدرّب على بعض إمكانيات تنظيم تلك المعار٠لتيسير استرجاعها من الذاكرة Ùيما بعد، ويتمّ ذلك خاصّة ÙÙŠ Øصص التدريب على الإنتاج الكتابي.
2.3- المـوارد اللّغويـة
تؤثر المهارة اللّغوية للكاتب ÙÙŠ مجرى الكتابة ونوعيّة النّصّ المنتج ÙÙŠ النّهاية. لكنّ علاقة المهارة اللّغوية بالنّص ليست على هذا النّØÙˆ من البساطة الظّاهرة. ذلك أنّ تنسيق مجموع عمليّات الإنتاج الكتابي وتدبيرها تزداد تعقّدا كلّما كانت الأبعاد اللّغوية القاعديّة ضامرة ضعيÙØ© لدى المتعلّم أو غير مسيطر عليها. هذا من ناØية ومن ناØية أخرى، Ùإنّ نشاط العود المراقب يكون بلا جدوى ÙÙŠ صورة العوز اللّغوي، إذ لا بّد أن يكون للمتعلّم الكاتب موارد لغويّة كاÙية لتخصيب نصّه وتخيّل البدائل المناسبة لهذه الوضعيّة أو تلك. ولعلّ ÙÙŠ هذا تÙسير لعدم مراجعة شريØØ© هامّة من المتعلمين لإنتاجاتهم رغم إلØØ§Ø Ø§Ù„Ù…Ø¹Ù„Ù…ÙŠÙ† على ذلك مرارا وتكرارا، Øتّى أنّ البعض يلتجئ إلى التوبيخ والعقاب ÙÙŠ Øصّة Ø§Ù„Ø¥ØµÙ„Ø§Ø Ù†Ø§Ø³ÙŠØ§ أنّ تعليمه ليس من جنس تقييمه، ومن الأجدى ÙÙŠ هذا المجال لمساعدة المتعلّم التأكّد من أنّه ككاتب صغير امتلك قبل دÙعه للكتابة وخوض غمارها الزّاد المعجميّ الملائم والمتنوّع لمدار الاهتمام، وكذا Ø£Øاط بالمستلزمات النّØوية ذات الصّلة المخصوصة بالموضوع.
كما أن المعار٠المتعلّقة بالرّسم تلعب دورا هامّا ÙÙŠ ضمان سيولة الكتابة. Ùهمّ الرسم وريبة المتعلم إزاءه يولّدان شعورا بالخو٠واهتزاز الثّقة وهو ما يذهب بالمتعة الممكنة. وهنا من المÙيد أن يسلك المعلّم سلوكا معتدلا عقلانيا إزاء أخطاء الرّسم Ùلا يطلب أكثر ممّا أعطى ولا يتثاقل على المتعلّم، لأنّ ÙÙŠ هذا اشتطاط، وليتذكّر دوما أنّ الإنتاج الكتابي كبّة من المهامّ وعبء معرÙÙŠ ربّما ناء به الكهول Ùما بالك بالمبتدئ الصّغير.
إنّ العوز اللّغوي إذا ما تÙاقم ينمّي ظاهرة العجز المكتسب : » أنا لا Ø£ØµÙ„Ø Ù„Ù„Ø¥Ù†Ø´Ø§Ø¡ « وهذا ÙŠØµØ¨Ø Ù…Ø¹ÙŠÙ‚Ø§ ÙŠØول دون انخراط المتعلّم ÙÙŠ أيّ مشروع كتابي.
3.3- المعار٠الإجرائيّة: عمليّات الإنتاج
تÙظهر ملاØظات المعلّمين أنّ عددا لا يستهان به من المتعلّمين يتغاضون عن بعض العمليّات الضّرورية ÙÙŠ الإنتاج رغم Ø§Ù„Ù†Ù‘ØµØ§Ø¦Ø Ø§Ù„Ù…Ø³Ø¯Ø§Ø© إليهم ÙÙŠ هذا الصّدد. ومن العمليّات الّتي يغÙلها المتعلّمون: عملتي التخطيط والعود المراقب. ÙÙ†ØÙ† نلاØظ أنّ عددا من المتعلّمين يشرعون مباشرة ÙÙŠ الكتابة دون بØØ« وتØضير وتخطيط لا همّ لهم كما يبدو سوى العبارة القادمة. ÙˆØتّى إذا أرغمنا المتعلّمين على التخطيط Ùهم يميلون إلى جعله مسوّدة أولى تنسخ Ùيما بعد بØذاÙيرها !
ونستخلص من ذلك أنّ عمليّة التخطيط هي عنصر من عناصر التّعلم ومن مكوّنات ÙƒÙاية الإنتاج الكتابي، لا ينبغي أن يكتÙÙ‰ بطلبه بأمر أو توسّل، إنّما ينمّى كمكتسب خلال Øصص القراءة مثلا عند التّطرّق إلى كيÙيّة بناء النّصّ من لدن الكاتب وتØويل النّصوص إلى تخطيطات أو كذلك عند Ø§Ù„Ø¥ØµÙ„Ø§Ø Ø¹Ù†Ø¯Ù…Ø§ نساعد المتعلّم على إعادة صياغة نصّه بخطّة بديلة…إلخ
وبصÙØ© عامّة Ùإنّ دراسات علم النّÙس العرÙاني أظهرت أنّه Øتى سنّ 11-12 يجد المتعلّم صعوبة ÙÙŠ التخطيط، وأنّ قدرة تصوّر نصّ لم يكتب تعتبر من القدرات المتأخرة الظهور ممّا يستدعي يقظة بيداغوجيّة لتيسير تملّكها لدى المتعلّم.
أمّا Ùيما يخصّ المراجعة أو العود المراقب Ùقد أظهرت Ù†Ùس الدّراسات أن الإصلاØات والتّعديلات الّتي يقوم بها المتعلمون غالبا ما تقتصر على Ø³Ø·Ø Ø§Ù„Ù†Ù‘Øµ أي Ø¥ØµÙ„Ø§Ø Ø£Ø®Ø·Ø§Ø¡ الرّسم وربّما التّنقيط. إذ يبدو أنّه من الصّعب على المتعلمين إن لم يكن مستØيلا أن يرصدوا ما هو أعمق وأوسع أي التناقضات بين النّوايا التّواصليّة الØقيقيّة والإنتاج الكتابي.
إنّ تملّك بعض المعار٠الإجرائيّة ذات الصّلة بالإنتاج الكتابي ليس بالأمر الهيّن، بل على العكس من ذلك تماما يعدّ هذا الأمر من أعقد ما يتناوله المعلّم. ومع ذلك يمكننا الإشارة إلى أنّ بعض التّقنيات يمكن أن تنÙع إلى Øدّ ما ÙÙŠ هذا الصدد ومنها تقنية التسهيل الإجرائيّ La facilitation procédurale وتقوم على نوع من التّدخل الّذي يستهد٠الإعانة ÙÙŠ تدبير مكوّنات الإنتاج الكتابي. وهذا الثنائي بين الكهل كوسيط-خبير والمتعلم المبتدئ يمكن أن يكون مثمرا إذ الخبير هنا يقود مع المتعلّم العمليات عمليّة عمليّة Øتى يكتسب بعد مدّة وبالتدريج مجمل إجراءات الكتابة وذلك ضمن مسار تعليميّ تعلّمي تنخÙض Ùيه درجة التدّخل ضمن مؤشرات تقييم تكوينيّ.
لكن كي٠لمثل هذا المسار أن يكون ممكنا ضمن منظومة التعليم الجماعي؟ وكي٠للمعلم أن تغطّي تدخّلاته المشخصنة هذه كلّ المتعلّمين ÙÙŠ قسم مكتظّ. هذه معيقات مؤسسيّة.
لكن واجبنا الأمل، ويبدو ألاّ مناص ÙÙŠ هذه الØالة من العمل ضمن Ø£Ùرقة تشكّل Øسب الØاجات groupes de besoins واستثمار ما يتيØÙ‡ لنا التعليم التعاوني من Øلول.
4.3- المعار٠الإستراتيجية
تمكن المعار٠الإستراتيجيّة من تنظيم الإنتاج كي يكون التّدبير ملائما للقدرات المعرÙيّة للكاتب. وهكذا Ùعلى سبيل المثال ليس من الملائم البØØ« عن الأÙكار وتصوّر كيÙية التعبير عنها ÙÙŠ آن معا، وعليه Ùالتكتيك المناسب يقتضي توزيع العمليات المكوّنة للكتابة عبر الزّمن، ذلك أنّ التّعقيد يقتضي ÙÙŠ هذا المقام أن تخصّص وقتا لكلّ عمليّة على Øدة وكأنّها مستقلّة عن باقي العمليات، ÙÙŠØµØ¨Ø Ø§Ù„Ø¥Ù†ØªØ§Ø¬ الكتابي عبارة عن سلسلة من المقاطع المتمايزة والمتعاقبة: التخطيط، استدعاء المØتويات، الصّياغة، الخطّ Transcription ثمّ العود المراقب. وإجراء Ù…Øاولات تأليÙية بشكل متدرج.
هذه جملة من الإضاءات سلّطها علم النّÙس العرÙاني على عمليّة إنتاج النّصّ الكتابي، لعلّها تمكّن المعلّم من الاستنارة بها لتسيير تملّك هذه الكÙاية العزيزة المنال والّتي لا يمكن لتعقيدها أن ÙŠØول دون الÙعل البيداغوجي وتØصيلها من لدن المتعلّمين، دونما هروب إلى إيديولوجيا الموهبة. هل أعظم مشروعيّة وجدارة للمعلّم من مساعدة المتعلم على مجابهة المعقّد، إذ لن يكون المتعلّم ÙÙŠ Øاجة إلى العون ÙÙŠ بسائط الأمور.
المـراجـع
– Michel Fayol ; 1997, des idées au texte, psychologie cognitive de la production Verbale orale et écrite, Paris. PUF.
– Michel Fayol ; 1985 , Le récit, une approche de psychologie cognitive, Neuchâtel. Delachaux et Niestlé.
– Anni Piolat et Anne Pélissier ;1999, la rédaction des textes, approche cognitive. Lausane Delachaux et Niestlé..
– Foulin et Mouchon ;1999 , Psychologie de l’éducation, ed NATHAN.
هوامش
([1])التّلÙظيّة Enonciation : » Ùعل إنتاج ملÙوظ يتمّ عندما يشغّل المخاطب اللّغة لصالØÙ‡ «. (الÙاربي وجماعة؛ 1994Ø› معجم البيداغوجيا Ùˆ الدّيداكتيك، ص 102ØŒ المغرب)
([2]) اخترنا عبارة †خطّ †ÙÙŠ صيغتها المصدريّة لترجمة Transcription لأنّ النّسخ إعادة نقل للمخطوط المكتمل وعبارة كتابة Ecriture تشمل كلّ عمليّات الإنتاج الكتابي.